منتديات ستار تايمز
   
  موقع ريدواكوم العام
  الارشيف
 

سكان جماعة «المربوح» يحفرون بِرَكا للواد الحار ليموتوا وسطها

«الدوار الجديد» بقلعة السراغنة يسبح فوق مياه الواد الحار
 
 

ثلاثة كيلومترات ونصف فقط تفصل جماعة «المربوح» عن مدينة قلعة السراغنة، لكن الفرق بينهما على مستوى البنيات التحتية شاسع جدا. وطفت جماعة «المربوح» خلال بداية شهر يوليوز

الجاري، إلى واجهة الأحداث حيث شهدت حادثة وفاة أربعة أشخاص اختناقا بحفرة للواد الحار بالدوار الجديد بالجماعة.
أطفال يسبحون وسط الموت

في الطريق المؤدي إلى دوار «المربوح» توجد ثكنة عسكرية للقوات المساعدة، هذه الثكنة تقابلها حديقة «المربوح» المهملة منذ سنين كما هو الشأن بالنسبة للدوار الجديد. على طول الطريق تمتد قناة مائية اصطناعية، بالقرب منها يسبح أطفال صغار في مائها غير الصحي. أما القناة الكبرى «زرابة» التي تقطع القناة المائية الاصطناعية فقد شهدت قبل أشهر استخراج جثة ممرض متقاعد قتله ابنه وطرحه فيها لإخفاء جريمته، في تلك المنطقة يسبح أيضا بعض الشباب رغم أن هذه القناة أودت بحياة العديد من أبناء المدينة والدوار، لكن حرارة الطقس خلال فترة الصيف تجعلهم يهربون من منازلهم صوب هذا المكان الخطير. على بعد أمتار قليلة من الخيمتين اللتين نصبتهما العائلتان الجارتان (عائلة المرزوقي والشتوي) للعزاء، توزع عشرات الأشخاص تحت خيمات صغيرة لبيع الشاي والقهوة، يراقبون جيدا الوافد والمغادر للدوار، يتداول الجميع أسباب الحادث وتفاصيله وما جد منه وما بلي، يتجادلون ويفسرون، والكل يزعم أنه يعرف أكثر من غيره من معلومات عن الحادث الأليم.
عائلة ملكومة وساكنة تترقب الأسوأ

«منين نبدا ليك آخويا، واش نعاود ليك، راني تالفا، أنا ما حضرتش وقت الحادث، لكن ملي شفت الوالد وخويا، ومساعدهما ميتين، وبجانبهم جارهم جثة هامدة مقديتش نصبر»، هكذا تجيب سعاد المرزوقي، ابنة العائلة التي فقدت الأب والابن ومساعد الأب في التجارة عن سؤال لـ «المساء» حول تفاصيل ما وقع يوم الخميس 08 يوليوز الجاري.
عبد المجيد ابن وأخ الضحيتين المرزوقي كان موجودا بعين المكان لحظة وقوع حادث اختناق الأربعة، يحكي عبد المجيد لـ«المساء»: «كان أبي أول من نزل إلى الحفرة عبر سلم لتنظيفها، لكنه اختنق بالرائحة وسقط وسط فضلات الواد الحار»، يضيف عبد المجيد الذي كانت الدموع تتلألأ داخل مقلتيه «هرع آخي مروان ( 28 سنة) لإنقاذه لكنه أيضا انزلق إلى قاع الحفرة، فسقط بجانب أبي»، آنذاك سمع عزالدين، مساعد رب أسرة المرزوقي في التجارة (18 سنة) استغاثتهما فاتجه بسرعة إلى الحفرة لإنقاذهما، إذ نزل إليها لمد يد العون لهما، لكنه لقي نفس مصيرهما، في تلك اللحظة تدخل الجار عبد الهادي الشتوي البلغ من العمر، قيد حياته ( 30 سنة ) لفعل شيء ينقذ الثلاثة، لكن ملك الموت كان ينتظره، ينهي عبد المجيد كلامه ولم تنته آهاته وآلامه، كما لا تنتهي أحزان الأسرة والجيران لفقدهم في حادث مأساوي أربعة أفراد تضامنوا لإنقاذ بعضهم البعض، فلقوا نفس المصير بنفس الطريقة وبنفس المكان.
من دوار «الظلام» إلى الواد الحار

عدم توفر سكان دوار «الجديد» على قنوات الصرف الصحي يجعلهم يعمدون إلى حفر العشرات من الحفر الكبيرة أمام منازلهم لتجميع المياه العادمة وفضلاتهم النتنة، ليقوموا بعد ذلك بإفراغها وتنقيتها لإعادة استعمالها من جديد. «إنها فعلا معاناة»، يعلق أحد الشباب. معاناة الدوار مع قنوات مياه الصرف الصحي ابتدأت منذ سنة 1989، ولا زالت مستمرة لأكثر من 21 سنة، دون أن تكتب لها نهاية مشرفة. «الدوار الجديد» هو واحد من دواوير عديدة بجماعة «المربوح» القريبة من إقليم قلعة السراغنة، تبلغ مساحتها 116,96 كيلومترا مربعا، أنشئ على تجزئة جديدة سنة 1979 أحدثتها السلطات الإقليمية، ورحلت إليها سكان «دوار الظلام»، الذين كانوا يشيدون منازلهم في ظلام الليل، هربا من أعين السلطة. كما سمي أيضا بدوار «العين» نسبة إلى العين المائية الموجودة بتلك المنطقة وتسمى بـ «عين المرفودة»، وبعد أن تفاقم البناء، وزاحم الثكنة العسكرية للقوات المساعدة، ولأن القوانين تمنع البناء بالقرب من مثل هذه الأماكن، تدخلت السلطات لترحل سكانه إلى هذه التجزئة التي افتقرت إلى أبسط تجهيزات البنية التحتية، لتبدأ معاناتهم وتستمر طيلة عمر ثلاثة مجالس جماعية.
تركيب سيناريو وفاة أربعة أفراد

عادت سعاد المرزوقي للحديث مع «المساء» وأصرت على أن تكمل حديث أخيها عبد المجيد، إذ قالت: «بعض الناس قالوا الحفرة مسكونة»، هذه العبارة الأخيرة لم تعجب أحد منتسبي التيار السلفي الذي كان موجودا بالمكان، فأصر على حذفها. لكن هناك رواية أخرى تداولها الجيران والسكان بشدة تمكنت «المساء» من تركيبها بعد تواتر معطياتها، ومفادها أن «عز الدين الأجير لدى المرزوقي الأب، هو من كان بالحفرة، وكان على وشك إنهاء تنظيفها، لكن أحد أفراد الأسرة صب مادة الماء القاطع من المنزل لتنقية الأنبوب الرابط بين الدار والحفرة، فلما وصلت هذه المادة إلى الحفرة، اختنق الأجير بسرعة، فحاول الابن إنقاذه، لكن قوة رائحة المادة وفراغ الحفرة من الأوكسجين تسببا في سقوطه إلى جانب الأول، ثم حاول الأب استدراك الوضع فانتهى به الحال إلى وضع مشابه، وحتى لما تدخل الجار، وهو تاجر أيضا، لتقديم يد العون لقي نفس مصير الأوائل». ويعزز رواة هذه التفاصيل كلامهم باختناق فرد من الوقاية المدنية رغم وضعه للواقي، وإفلاته من موت محقق بعد تدخل زملائه بسرعة كبيرة، وتقديم الإسعافات الأولية له بعد إخراجه من الحفرة. هذه الأخيرة يتجاوز عمقها أربعة أمتار، وعرضها الداخلي حوالي مترين، بينما قطر بابها لا يتجاوز 80 سنتيمترا، وتقع على بعد ثلاثة أمتار من باب منزل العائلة.
كارثة على الأبواب  تنتظر الأسباب

جولة في الدوار «الجديد» الذي يتكون من 405 منازل، تضم 1294 أسرة، تشكل مجموع الأسر داخل الجماعة، تجعلك تشم رائحة كارثة على الأبواب وتنتظر فقط الأسباب. أحد السكان أكد لـ«المساء» أن كل عائلة إذا حفرت حفرة أمام بابها لتجميع المياه العادمة فإن هذا الأمر يشكل في كل وقت خطرا حقيقيا على حياة الأطفال والأسر. العياشي فرفار، رئيس الجماعة التي يقارب سكانها التسعة آلاف نسمة كشف لـ«المساء» أن العديد من المنازل توشك أن تتداعى بعد أن تآكلت أساساتها نظرا لتسرب مياه هذه الحفر إلى أسفلها، وفسر هذا الأمر بكونها غير مشيدة طبق المواصفات التقنية اللازمة، مما جعل أهل الدوار، الذي أصر الرئيس على تشبيه «بالكانتون» يسكنون فوق بركة مائية تنذر بكارثة وشيكة في حال عدم تدخل السلطات المعنية. بوادر هذه الكارثة بدأت منذ حوالي شهر ونصف عندما انهار منزل أحمد النوري، بعدما تآكل أساسه فانهار عليه كاملا ليهلك فيه، ولحسن الحظ أن عائلته لم تكن موجودة أثناء الحادث، وهي بالتأكيد ليست الحالة الوحيدة.
120 بغلا وأزيد من 200 كلب خطر

فإذا كان هذا هو وضع الدوار «الجديد» فإن مجاري مياه الوادي الحار تخترق الأزقة والدروب القريبة منه مخلفة رائحة كريهة ومنظرا مقززا. الأسوأ من هذا أن أطفالا صغارا وفي غفلة من والديهم يلعبون وسط هذه المجاري، مما يشكل تهديدا صحيا حقيقيا على حياة أسر الدوار، وبالخصوص أطفالهم. هذا الأمر اضطر الجماعة، حسب رئيسها، إلى تقديم طلب إلى المكتب الوطني للماء الصالح للشرب بقلعة السراغنة للاشتراك في خدمة الماء الشروب، وبالتالي تصبح زبونا للمكتب، ويتسنى لها الاستفادة من شبكة الصرف الصحي لمدينة القلعة، التي لا تبعد عن الجماعة سوى بـ500 متر، وسيكلف هذا الربط الجماعة 500 مليون سنتيم، فيما ينتظر أن يصل رقم إعادة تأهيل شبكة الصرف الصحي لمدينة قلعة السراغنة إلى 29 مليار سنتيم. يعرف الدوار أيضا انتشارا مهولا للكلاب الضالة والتي يتجاوز عددها المائتين، حسب مصادر من الساكنة، هذه الكلاب تنشر الرعب في ليل «الدوار الجديد».
وليست الكلاب فقط من يطرح تحديا صحيا وأمنيا على ساكنة يغلب على نشاطها الطابعين الفلاحي والحرفي، بل إن البغال أيضا تخلق مشاكل صحية لهم عبر روائح فضلاتها وبولها. إذ إنه يوجد بالدوار 120 بغلا، حسب إحصاء الجماعة بدون إصطبلات، مما يدفع أصحابها إلى ربطها أمام منازلهم، وهو ما يخلق مشاكل بين الساكنة تتطور إلى خصومات وشكايات إلى الجماعة كما أوضح الرئيس. يضاف إلى هذا نسبة الحوادث المرتفعة بالجماعة التي تتسبب فيها هذه الحيوانات، ولمحاصرة الوضع، اضطرالمجلس الجماعي إلى تسجيل شكاية بأربعة أشخاص لا ينضبطون لبعض القرارات الإدارية.
مزبلة المربوح قنبلة موقوتة

تمتد هذه المزبلة على حوالي هكتارين، وتضم كل أنواع الأزبال والاقتراب منها صعب للغاية، أما الأكياس البلاستيكية فتغطي أشجار الزيتون المجاورة لها. لا تبعد المزبلة من المنازل الخلفية للدوار إلا بحوالي 300 متر. وأبرزت قافلة طبية نظمتها الجماعة، التي تصل فيها نسبة الفقر، حسب معطيات رسمية إلى 25,74 في المائة، واستفاد منها 937 شخصا أن 202 طفلا يعانون أمراضا مختلفة للعيون. فيما تكلفت الجماعة باقتناء 44 نظارة للمعوزين منهم. نشأت هذه المزبلة لأن العديد من سكان الدوار يمتهنون جمع الأزبال على عربات مجرورة من مدينة قلعة السراغنة وعزل بقايا الخضر منها لبيعها لمالكي الماشية أو تقديمها إلى بهائمهم، فيما يطرح الباقي في هذه المزبلة التي أصبحت تهديدا بيئيا حقيقيا لصحة السكان وللمياه الجوفية.

 

علم الرجاء البيضاوي في اضخم المنافسات الرياضية

الكل اندهش عندما لوحظ شعار الرجاء البيضاوي في نهائي كاس العالم بجنوب افريقيا وبالضبط في ملعب سوكر سيتي حيث استضاف مهيب شويخة احد اللاعبين الاسبان المثوجين باللقب وظهر العلم الرجاوي الاخضر جليا في الصورة وهذا يدل على شعبية الخضراء في جميع انحاء العالم.
كتب بواسطة مصطفى العوينا
 


-----------------------------------------------------------------------------

تحقيق في قضية الاعب المحترف المناصفي

الأمن الفرنسي رفض الاستماع إلى الشهود واعتماد تسجيلات «كاميرات» المحطة
مصطفى الحجري

عرفت قضية وفاة  الشاب المغربي حميد المناصفي، لاعب فريق باري سان جرمان الذي لفظ أنفاسه بعد شجار مع فرنسي من أب تونسي وأم ذات أصول يهودية،

تحولا مفاجئا، حيث تحول من ضحية إلى متّهَم، بعد أن قرر قاضي التحقيق المشهور باتريك راميل حفظ الملف، واعتبر أن اللاعب المغربي متورط في عملية سرقة وأن وفاته ناجمة عن صعقة كهربائية أثناء محاولته الهرب..
وقد بدأت حكاية حميد المناصفي، الذي كان ينتظره مستقبل رياضي واعد، في 9 ماي  2008، حين غادر منزله في ساعة مبكرة ليلتحق بتداريبه مع فريقه. وخلال عودته، نشب شجار بينه وبين شخص يدعى «ندير»، تطور إلى عراك تواصَل بعد أن توقف «المترو» في محطة «جان جوريس» في باريس، ليسقط حميد أرضا مغمى عليه  ويغادر غريمُه المكان...
حضرت الوقاية المدينة، بعد ذلك، ولاحظت عناصرها أن حميد المناصفي يوجد في وضع صحي حرج، حيث تم نقله إلى غرفة الإنعاش، في حين اختفى الطرف الثاني في الشجار لساعات، قبل أن يحضر إلى دائرة أمنية ويسلم نفسه لرجال الشرطة، الذين أخطروا عائلة الشاب المغربي بما وقع، وبمكان تواجده في المستشفى الجامعي في باريس.
سيظل حميد المناصفي في غيبوبة دامت 53 يوما، قبل أن يلفظ أنفاسه ويتم نقل جثمانه ليُدفَن في المغرب، ليتسلم القضيةَ قاضي التحقيق باتريك راميل، وهنا ستنطلق سلسلة من المفاجآت التي جعلت الأسرة تقوم برحلات مكوكية بين الرباط وباريس، من أجل تتبع هذا الملف، الذي عرف عددا من الأمور «الغريبة» التي جعلت عائلة المناصفي تحس بالغبن، بعد أن فقدت ابنها وتم تحريف مسار التحقيق، حسب الأب، الذي أكد أن الأمن الفرنسي لم يستقِ إفادات الشهود في مكان الحادث، كما رفض -لأسباب غامضة- البحث في تسجيلات الكاميرات المنصوبة في محطة «المترو»، لمعاينة تطور العراك وتحديد المسؤولية في وفاة حميد.
المفاجأة أن قاضي التحقيق قام باستدعاء شهود عززوا رواية المتورط في الشجار، والذي تؤكد جميع المعطيات توفره على سوابق في السلوك العنيف، وهم الشهود أنفسُهم الذين أكدوا أنهم عاينوا الشجار لكنهم أنكروا قيامه بدفع الضحية، مما نتج عنه سقوطه وإصابته بغيبوبة.
 توالت كل هذه الأحداث في الوقت الذي قام رئيس قسم المساعدة الاجتماعية الفرنسية بتكليف محامٍ لتولي قضية حميد، وهو ما جعل الأسرة تحس بنوع من الاطمئنان والثقة في أن حق ابنها لن يضيع، غير أن المحامية عادت، بعد أسبوعين، لتخير الأسرة بأنها تعاني من ضغوطات تمنعها من مواصلة البحث في الملف، ليقرر والد الضحية اللجوء إلى محامٍ آخرَ مقابل دفعة مالية، حُدِّدت في 3000 أورو، ويتقدم بطلب لمقابلة قاضي التحقيق، لكن هذا الأخير رفض طلبه.. ومما زاد من شكوك الأسرة أن المحامي الذي استنجدت به بدأ يماطل بدوره في تحريك الملف، لتقرر الأسرة، بعد شهرين من الانتظار، اللجوء إلى محام آخر تكفلت مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين في الخارج بمصاريفه، وهنا وقع منعطف حاسم في الملف جعل أسرة المناصفي تحس بأن هناك «أيادي خفية» تتلاعب بالقضية، بعد أن أخبرها المحامي بأنه تباحث مع قاضي التحقيق بخصوص القضية وبأن الشهادات الواردة فيها ليست في صالح العائلة، وبأن الخيار الوحيد المطروح أمامها لضمان حقوق الضحية هو القبول بتحويل الملف من دعوى جنائية إلى دعوى جنحية، وهو ما وافقت عليه الأسرة، مرغمة، لكنْ بعد 10 أيام من ذلك، سيعود نفس المحامي ليشعر الأسرة بأن عليها البحث عن محام آخر وبأنه سيتخلى عن الملف، لأن أجرته مرتفعة وتصل إلى 1000 أورو في الساعة، قبل أن يرمي في وجههم بـ«قنبلة» أخرى بعد أن أعلمهم بأنه يتعين بذل مجهود أكبر لتفادي حفظ القضية، وهو القرار الذي أصدره قاضي التحقيق فعلا.
لم يجد والد الضحية حلا آخر، بعد ذلك، سوى اللجوء إلى السفارة المغربية التي أحالته على المكلف بالشؤون القضائية، حيث تم تكليف محام ثالث نجح في التوصل إلى شاهد إثبات ينفي الشهادات السابقة ويؤكد أن المتهم قام بإسقاط الضحية أرضا، بعد أن دفعه بقوة، غير أن قاضي التحقيق رفض الأخذ بهده الشهادة، وأصر على قراره بحفظ الملف الذي تحول فيه المناصفي من ضحية إلى متهم بالسرقة، حيث أكد الأب أن ابنه أصبح متَّهَما بمحاولة سرقة حقيبة المتورط في الشجار، وأنه توفي، حسب الخلاصات التي توصل إليها قاضي التحقيق، بعد أن حاول القفز إلى الضفة الأخرى لسكة «المترو»، ليصاب بصعقة كهربائية...
التقى والد الضحية محمد عامر، الوزير المكلَّفَ بالجالية المغربية، قبل يومين، وشرح له ملابسات القضية، وأكد له أن ما جرى تحريف واضح  ومتعمَّد لمسار الملف، وأن ابنه مشهود له بحسن السيرة من طرف جيرانه وأصدقائه، وكذا من طرف مسؤولي فريق باري سان جرمان، ولا يمكن أن يكون سارقا، خاصة وأنه يعيش في كنف شقيقين له، أحدهما مهندس والثاني له مشروع تجاري، كما بعث والد المناصفي رسالة إلى جميع المسؤولين المغاربة لدعمه في القضية، حتى يتم إنصاف الضحية وإجراء محاكمة
عادلة.

العذاب المضاعف لضحايا صفقة «النجاة» بحقول إسبانيا

أحد الضحايا: «علاش غادي نرجع للمغرب أنا بوفري بوفري اللهم في إسبانيا»

 

حوالي تسع سنوات مرت على فضيحة «النجاة»، التي كان ينتظر أن تشغل ثلاثين ألف شاب مغربي على بواخر سياحية تابعة لشركة إماراتية. أغلب هؤلاء كانوا من حاملي الشهادات العليا،

غير أن صفقة التشغيل سرعان ما تحولت إلى جحيم من المعاناة النفسية والمادية بعد شهور قليلة من الإعلان عنها لآلاف من الشباب الذين علقوا آمالهم على كذبة اسمها «صفقة النجاة»، والذين عملت الجهات المسؤولية على إعطائهم حق الأسبقية للاستفادة من العقود الموسمية للعمل بحقول إسبانيا، حيث بدأ مسلسل معاناة جديد..
«أنا عاطل عن العمل هنا ولن أعود إلى المغرب. كيف لي ذلك وأنا لا أملك فلسا واحدا؟ هل أبسط يدي من جديد لعائلتي؟».. «الحياة هنا معاناة مستمرة لما عانيناه مع العطالة والفقر في المغرب».. «غيرنا المكان فقط أما ظروفنا فمازالت على حالها».. «النجاة حلم تبخر منذ ولادته والسلطات المغربية تتحمل المسؤولية كاملة فيما انتهينا إليه. أغلب ضحايا النجاة لا أوراق إقامة لهم ولا مستقبل لهم ولا سكن».. هذا قليل من كثير من المعاناة التي كتب القدر تفاصيلها بحبر من الألم لم تستطع الضفة الأخرى «إسبانيا» أن تمحوه عن جباه ضحايا «صفقة النجاة»، بقدر ما عمقته، إذ تلاشت أحلام الآلاف من الشباب الذين استبشروا خيرا بصفقة اسمها «النجاة» وضعتهم في الحضيض عوض أن «تنجيهم» من واقع الفقر والتهميش الذي يلاحقهم وبدلت الحلم بالألم، والفرح بالحزن والمعاناة.
عبد العزيز، أحمد، رشيد، سعيد، إبراهيم، عبد الكريم، محمد.. والقائمة طويلة لشباب اختاروا القبول بعرض عقود العمل بالفلاحة بإسبانيا التي قدمتها لهم السلطات بعدما تحولت صفقة «النجاة» إلى «كذبة كبرى» كبدت ثلاثين ألف شاب مغربي خسائر مادية ومعنوية مازالت عصية على النسيان، رغم مرور أكثر من تسع سنوات لم تمح جراح ضحاياها الذين يعدون بالآلاف من الشباب العاطل وأسرهم ممن نسجوا أحلاما وردية وشيدوا مشاريع ومنازل وهمية في مخيلاتهم، ظنا منهم أن الحظ ابتسم لهم أخيرا، قبل أن تنطلي عليهم الحيلة التي تم حبكها بـ«إتقان»، يؤكد عبد العزيز، أحد الضحايا لـ«المساء».

متشردون بإسبانيا

يعدون بالمئات، وهم يعيشون في «خِرَب» شيدوها بأنفسهم، أو بمنازل متآكلة هجرها أصحابها،  بعد أن «انتهت صلاحيتها»، غير أن ضحايا «صفقة النجاة» يجدون فيها مسكنا مناسبا لهم بـ«جميع المقاييس»، رغم رداءته، ماداموا لن يجبروا على دفع أجور الكراء، ولن يطالبهم أحد بذلك لأنهم أبرموا عقد تفاهم «شفوي» مع أصحاب العقار الذين يقبلون بصدر «رحب» طلب المغاربة «ضحايا النجاة» لأن جميعهم على علم بتفاصيل ما وقع لهم وبمأساتهم، مما جعلهم محط «شفقة ورأفة».
بحكم قلة فرص الشغل، إن لم نقل انعدامها بالنسبة إلى شباب في أوج العطاء، خاصة ضحايا النجاة، فإن أغلب الذين التحقوا بالديار الإسبانية في ظل عقود تشغيل بالوساطة في الخارج، لا عمل لهم هناك، حيث أعطيت لهم الأسبقية في الشغل، سواء في عقود العمل الموسمية، أو في الوساطة التي تقوم بها الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات، والمتمثلة في تقديم المرشحين لأرباب الشغل بهدف تشغيلهم.
عبد الكريم (37 سنة) القادم من مدينة تاونات، والذي يعيش بأحد المنازل التي هجرها ملاكها الأصليون رفقة مغاربة آخرين يجمعهم الفقر والبطالة، بعد أن استأذنوا في ذلك، يقول إنهم «يستفيدون من الدعم الحكومي، كما أنهم يتلقون عطفا ومساندة من السكان»، وهو ما يهون عليهم شدة المعاناة.

صفقة «بطالة» 

تكسرت أحلامهم على صخرة واقع غربي «مريع» لا يؤمن إلا بالكفاءات. وحتى المهن الهامشية التي تعتمد على المجهود العضلي، والتي كانت تستقطب اليد العاملة غير المؤهلة، أصحبت نادرة، بل انعدمت في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، حتى أن أبناء الوطن أصبحوا كغيرهم من الأجانب بدون عمل. حال ضحايا «صفقة النجاة» هو حال باقي عدد كبير من المغاربة الذين عبروا إلى الضفة الأخرى إما بعقود عمل موسمية أو عبر قوارب الموت.. فالنتيجة واحدة: بطالة وانعدام الاستقرار المادي والنفسي لدى عدد كبير منهم، وحتى إن توفرت فرص الشغل فهي موسمية أو عبارة عن «بريكولات»، يؤكد عبد الكريم، لتأمين لقمة العيش فقط. ورغم أن ذلك واقع صادم لهم، فإنه لن يدعوهم إلى التراجع عن قرار البقاء بإسبانيا إلا إذا حملوا على نعوش. يبدو ذلك قرارا لا يخلو من إجحاف، غير أن لضحايا «النجاة» تبريرا آخر. إنهم يربطونه بالكرامة وعزة نفس، فعودتهم إلى بلدهم المغرب يجب أن تكون تتويجا لنجاح «باهر» أو على الأقل العودة برأس مال لا بأس به لإنجاز مشروع بمسقط رؤوسهم.
«غيرنا المكان فقط والواقع الاجتماعي هو هو.. نحن نتصارع لنعيش فقط» هذه شهادة لعبد الكريم، الحامل للإجازة في البيولوجيا. كان هذا الشاب يحلم بمنصب محترم ببلده المغرب، وبعد سنوات من الانتظار والبطالة وقضاء أغلب الوقت في «راس الدرب»، وبعد الإعلان عن صفقة «النجاة» أينعت بداخله أحلام جديدة، فمهما كان «العمل في المغرب فإنه لا يمكن أن يبلغ قيمة ما سيجنيه من العمل بدول أجنبية، وحتى بدول الخليج، إذ هي معروفة بعملتها. هي فرصة نادرة لا يمكن أن يضيعها عاقل في مثل حاله»، خاصة بعد أن علم أنها تحت إشراف عدة جهات مسؤولة في المغرب ومؤسسات وطنية على رأسها الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات (أنابيك)، وهو ما جعلها ذات مصداقية كبرى.

أحلام «النجاة» المنكسرة

سبعة آلاف درهم في الشهر آنذاك أسالت لعاب «ضحايا النجاة» للمغامرة في تجربة أيقنوا بحقيقتها لأنها مبادرة حكومية مقابل العمل في بواخر تابعة لشركة إماراتية. العمل بسيط والمقابل ضخم، والحاجة إلى ذلك أشد، لذلك كانت جميع الفئات الشابة تتهافت لتأمين مقعدها ضمن المرشحين، حيث بلغت ملفات الترشيح 45 ألفا، اختير منها 22 ألفا، حسب عبد العزيز.
 وتطلب الملف إجراء فحص طبي بمبلغ 900 درهم لكل مرشح، بالإضافة إلى مصاريف الملف. كانت تلك المصاريف ثقيلة على شباب عاطل، غير أن التآزر الاجتماعي استطاع أن يخفف من عبء الهاجس النفسي عليهم خشية أن يضيع «مستقبل وردي يلوح في الأفق». من هؤلاء من اقترض، ومنهم من باعت أسرته أثمن ما تملك إلى حين أن يعوض تضحياتها بالخير، خاصة من كانوا يحملون الشهادات الجامعية العليا، إذ تلقوا وعودا، بناء على المباريات التي خضعوا لها والتي صنفتهم ضمن الصفوة الذين سيعملون وفق ما تمليه كفاءاتهم العلمية، والذين سيتقاضون عن ذلك مبالغ جد مهمة، وهو ما فتح شهية حاملي شهادات عليا آخرين انضموا إلى باقي الضحايا. يقول عبد العزيز إن والدته باعت حليها في سبيل مساعدته، وهو الشيء الذي مازال يعصر قلبه لأنه لم يف بالعهد الذي قدمه لها بإرجاع حليها. عمر، ضحية آخر، لم يلجأ إلى أسرته، بحكم الفاقة التي تمر بها، فتوجه إلى صديق مقرب إليه، حيث اقترض منه مبلغا كبيرا لإتمام جميع الإجراءات القانونية، وهو المبلغ الذي ظل كابسا على أنفاسه عدة سنوات بحكم أنه لا يتوفر على عمل قار، هو الذي يحمل إجازة في الأدب الإنجليزي، وكان يظن أنه سيكون ممن سيتموقعون في مراتب خاصة بحكم مستواه التعليمي العالي وإتقانه لغة أجنبية مهمة في الإمارات التي كان مرشحا لامتطاء بواخرها السياحية.
انطلت الكذبة على الجميع، وتعلق الشباب المغربي العاطل بحلم «زائف»، حيث أصدرت الوزارة الأولى آنذاك في أكتوبر 2002 بلاغا تعترف فيه ضمنيا بعملية النصب التي تعرض لها ثلاثون ألف شاب مغربي كانوا مرشحين للعمل عبر شركة «النجاة الإماراتية»، فتبخر بذلك حلم العمل إلى رحلة بحث «غير مجدية» مطبوعة بالاعتصامات والاحتجاجات لمدة ثلاث سنوات للمطالبة بإنصافهم، من خلال توفير فرص عمل جديدة لهم، أو تعويضهم عن الأضرار المادية والنفسية التي تعرضوا لها. وكان البديل، الذي لم يشمل الجميع، إعطاء ضحايا «النجاة» الأسبقية في العمل بحقول إسبانيا عن طريق «عقود موسمية»، وهي المحطة الثانية من معاناة مفتوحة مازالت لم تنته فصولها منذ تاريخ الالتحاق بحقول «الزيتون» و«الطماطم» و«الفريز»..

رحلة «الهروب» من الحقول

كان من الصعب على شباب يحلم بأن يتبوأ مراكز مهمة أن يقبل العمل داخل حقول لا يتعدى دورهم فيها جني المحاصيل الزراعية، كمن لا تكوين له، وهو ما جعل فكرة مغادرة تلك الحقول تستحوذ على جميع فكرهم للفرار من «جحيم» العمل الفلاحي المضني، الذي لم تكن تربط أغلبهم به أي علاقة، خاصة ممن كانوا يستقرون بالمدن، وهم من كانوا يمثلون الأغلبية الساحقة. يقول عبد الكريم، الذي مازال يصر على العيش بإسبانيا رغم ظروفه الصعبة:«كان العمل مضنيا داخل الحقول الإسبانية، لذلك استحال على البعض التأقلم مع الوضع، خاصة من لم تكن قدرته الجسمانية تسمح له بذلك، فكان التفكير في كيفية مغادرة تلك الحقول، وهنا يكون الحظ سيد الموقف بالنسبة للجميع، علما أن هذه الفكرة كان يرفضها البعض، لأنهم كانوا مقتنعين بالعمل هناك، غير أنهم لا يريدون الاستقرار بإسبانيا، فقد كان همهم العودة بمبالغ محترمة خلال ستة أشهر، وقضاء نصف السنة الأخرى بين ذويهم، وهي المدة التي يعمل بها المغاربة في الحقول داخل إسبانيا ويعودون بعدها إلى المغرب».
وبحكم أن الجهات المشغلة تحتفظ بوثائق العاملين، فإن «الفرار» أو «الحريك» من الحقول الإسبانية التي يعمل بها العمال المغاربة، بمن فيهم ضحايا النجاة، لم يكن بالأمر البسيط، لأن الحظ كان «المقرر الوحيد والأوحد»، غير أن من ابتسم لهم الحظ سرعان ما اكفهر في وجوههم، حيث اصطدموا بواقع مؤلم، حتى بالنسبة إلى من استطاع، بعد سنوات، تسوية وضعيته القانونية داخل إسبانيا، إذ في ظل الأزمة العالمية مازالت أزمتهم مستمرة منذ تاريخ التحاقهم بإسبانيا، غير أن منهم من يفضل الاستمرار هناك على أن يعود إلى المغرب.

رفض العودة

«حنا سوفرينا بزاف. يكذب عليك الكذاب واش نرجع» يقول رشيد الذي مازال متشبثا بالمكوث في إسبانيا، رغم أن لا عمل قار له، إذ هو يعمل يوما واحدا ويتوقف عن العمل أكثر من عشرة أيام، غير أنه ينظر إلى الأشياء بمنظار خاص، ويعتبر أنه قوي إلى حد أنه لن يستسلم ويعود إلى مدينته التي عانى بها «الشوماج» 18 سنة، إلى أن انطلت عليه كذبة كبيرة اسمها «النجاة» ظن أنها ستنجيه من البطالة وستفتح له آفاق الشغل وستدر عليه أرباحا وفيرة هو وأسرته التي عانت من أجله الكثير، والتي رفضت أن يعمل بحقول إسبانيا، إلا أنه تشبث بقرار العمل بالعقود الموسمية التي كان يعتبرها مجرد مرحلة عابرة ستفتح له باب الاستقرار بالجارة الشمالية قبل أن يصطدم بواقع بطالة آخر مازال يعانيه إلى الآن، والأدهى من ذلك أنه بدون أوراق إقامة.
نفس الشيء بالنسبة إلى عبد الكريم: «علاش غادي نرجع المغرب. أنا بوفري بوفري اللهم في إسبانيا»، وأضاف أن «العائلة ضحت معنا سنوات طويلة. لذلك لا يمكن أن أعود لأضيق عليها من جديد وأحملها ما لا يمكن أن تحتمله».

  ذكريات أليمة

حوالي تسع سنوات قضاها عبد العزيز، أحد ضحايا النجاة، الذي استفاد من عملية جبر الضرر، حيث كان واحدا ممن استفادوا من عقود العمل الموسمية بحقول إسبانيا. تسع سنوات من المعاناة وانعدام الاستقرار، بل إن المشاكل الاجتماعية كانت تنزل على رأسه كالصاعقة من فرط ما حل به، رغم بعده عن العائلة، فعوض أن تضمن له الهجرة استقرارا، على الأقل لأسرته الصغيرة، التي كانت مكونة من زوجة وطفل معاق، فككتها  حيث بعد شهور من الاغتراب فضلت الزوجة الانصراف إلى حال سبيلها عوض انتظار زوج لم يعد يربطها به سوى الهاتف، وشككت في أمر عودته وهو يحمل حقيبة «يرتب» فيها جميع الوعود والأحلام الوردية التي وعدها بها، قبل أن تفاجأ بأن الوعود ذهبت أدراج الريح كما حصل مع «صفقة
النجاة».
وجد عبد العزيز نفسه مطالبا بالعودة، بعد أن تحمل والداه العجوزان عبء تربية طفله المعاق، الذي هجرته والدته بعدما تسلمت ورقة طلاقها، لمدة قاربت تسع سنوات، تمنى خلالها لو أنه لم يغادر المغرب قط، إذ لو ظل إلى جانب طفله لاستطاع أن يجد لنفسه عملا «عشوائيا» يقتات به وأسرته عوض أن يتيه بنفسه في بلاد الغربة التي لم تنفعه في تخطي واقعه الاجتماعي، بل إن سنوات الهجرة لم تشفع له حتى في العودة بمبلغ محترم يبني به مسار حياته من جديد، ويهون عليه المدة الطويلة التي قضاها تائها في إسبانيا بلا عنوان ولا كرامة، إلى أن حركته عاطفة الأبوة فقرر جمع حقائبه للعودة إلى حضن العائلة والوطن والرضا بقدر الله، رغم أنه ملزم بدفع مبالغ مالية مازالت تكتم على أنفاسه إلى أصحابها, الذين أقرضوه إياها لتحضير ملف الترشيح لصفقة النجاة التي لم تنجه من شر الفقر والتهميش الذي عاشه منذ أن حصل على شهادته العلمية.

مصير مجهول

اعتبر ضحايا النجاة، الذين تحدثوا لـ«المساء» عن معاناة نفسية ومادية مازالت تلاحقهم، أنه لم يتم جبر ضررهم بالشكل الأنسب، وأن من بين الضحايا من استسلم للقدر ولم يكن ضمن من احتجوا عقب افتضاح أمر شركة «النجاة» التي كانت بمباركة مجموعة من الجهات المسؤولة، أعطت لها المصداقية إلى حد كبير، مما ساهم في ارتفاع عدد الضحايا. وحتى من عبروا إلى الضفة الأخرى عبر العقود الموسمية، مازالوا يغرقون في بحر مفتوح من المشاكل، ومن عادوا لم يكونوا أحسن حالا ممن يعانون في «أكواخ» بإسبانيا، فيما آخرون تم تجاهلهم فقط لأنهم التزموا الصمت ولم يشاركوا في الاحتجاجات.
«فضيحة النجاة»، يقول عبد الكريم، ليست سوى وجه من أوجه الإقصاء الاجتماعي، بل تلخص اختلالات «خطيرة» حتى في أكثر الأمور جدية، والمواطن البسيط هو دائما من يدفع ضريبة هذه الاختلالات، على اعتبار أن شركة «النجاة» أبرمت اتفاقا مع الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات, التابعة لوزارة التشغيل والتكوين المهني والتنمية الاجتماعية والتضامن آنذاك، وأن أولى ضريبة هي ضياع أجمل سنوات الشباب. فكيف تعوض الدولة أحلاما تبخرت وسنوات
ضاعت هباء؟

 

جامعة كرة القدم تضع تشكيلة الطاقم التقني للمنتخب المغربي

غيريتس مدربا ودومينيك مساعدا وديدي فيليب معدا بدنيا وسلمات مدربا لحراس المرمى

حميد‭ ‬السباعي

انتهت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من وضع اللمسات الأخيرة على تشكيلة الطاقم التقني للمنتخب المغربي الأول لكرة القدم، الذي سيواجه منتصف الأسبوع المقبل في مباراة ودية منتخب

غينيا الاستوائية، في إطار تحضيراته للتصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس إفريقيا 2012 في ليبيا. وكان آخر الملتحقين بالطاقم التقني مصطفى سلمات مدرب حراس مرمى الجيش الملكي، حيث دخل في منافسة مع اسمين آخرين تم ترشيحهما من طرف الجامعة، هما الكتامي مدرب حراس مرمى المغرب الفاسي، وزكرياء العلوي حارس المنتخب المغربي خلال فترة التسعينيات، إضافة طبعا إلى سلمات، الذي شغل هذه المهمة خلال سنوات عديدة، سواء ضمن المنتخب الأول أو منتخب الشباب والأولمبي وكذا منتخب الفتيان. وبناء على بعض المعطيات التي يجري كشفها تم اختيار سلمات لينضاف بذلك إلى أعضاء الطاقم التقني للمنتخب، الذي أصبح مشكلا من الأسماء التالية: غيرتس مدربا، دومنيك مساعدا، ديدي فيليب معدا بدنيا، وسلمات مدربا لحراس المرمى، فضلا عن الدكتور الهيفتي الذي حافظ على موقعه ضمن الطاقم. من ناحية ثانية، قالت مصادر قريبة من الجامعة إن الرئيس علي الفاسي الفهري لم يكن على علم بقرار إعفاء صلاح الدين احميد من مهمته تدريب حراس مرمى المنتخب المغربي للشباب، على الرغم من أنه يعتبر المسؤول الأول عن المنتخبات الوطنية، ليس فقط من موقعه كرئيس للجامعة، بل كذلك انطلاقا من كونه رئيسا للجنة المنتخبات الوطنية. ويضيف المصدر أن الكاتب العام للجامعة العرايشي هو من اتخذ القرار، وأبلغ احميد فقط من خلال مكالمة هاتفية، لينضاف بذلك إلى كل من مصطفى الحداوي ومحمد سهيل اللذين أبعدا بالكيفية ذاتها من المنتخبات الوطنية، وتجهل إلى حدود اللحظة أسباب إقالة احميد، ولو أن بعض المصادر تشير إلى أن خلافا وقع بينه وبين طبيب المنتخب هو الذي قد يكون الدافع وراء اتخاذه.
 

---------------------------------------------------------------------------

 اخر الاخبار المتصدرة لعناوين الجرائد المغربية


 

-----------------------------------------------------------------------------

 

مغاربة يطاردون رغيف الخبز تحت آبار الموت

مغاربة يطاردون رغيف الخبز تحت آبار الموت - Hespress

مع بزوغ الخيوط الأولى من الصباح، يكون بوجمعة قد شق طريقه صوب مكان العمل وكله أمل في أن يكون حظه اليوم أفضل من أمس. 

قبل أن يشرع في العمل، يلوي بوجمعة جسده المنهك في "بذلة الشغل"، وهي عبارة عن خرق بالية سوداء اللون.. أما شعره الذي اشتعل شيبا فيغطيه بقبعة قديمة يكون قد ثبت فوقها مصباحا يستعين بضوئه الخافت على الحفر تحت أعماق الأرض طيلة اليوم.

بمساعدة 3 من "المانوفريا" (عمال المناجم)، يلف بوجمعة حول فخديه حبلا متينا يمر عبر بكرة مثبتة بخشبة فوق حافة بئر ضيقة. يتكلف المانوفريا  الثلاثة بإمساك طرف الحبل بينما يقترب بوجمعة من "الساندريا" (البئر) مبديا استعداده لخوض مغامرة النزول إلى تلك الحفرة التي يلقي منظرها الأسود والضيق هلعا وخوفا في النفوس.

"مافيدنا ما نعملو.. هذا ما كان.."، هكذا برّر بوجمعة، الذي يبلغ من العمر 59 سنة، امتهانه لهذا العمل الشاق بالرغم من تقدمه في السن.

وأضاف وهو يشحن جيوب بذلته بمعدات بسيطة يستخدمها للحفر والتنقيب عن الفحم الحجري تحت الأرض، أنه قضى نصف حياته كـ"مينور" أي عامل مناجم، ولم يجد مهنة أخرى يسترزق بها بعد إغلاق شركة "مفاحم جرادة" أبوابها سوى مواصلة نفس العمل وإن بطريقة غير قانونية، مؤكدا أنه لو وجد بديلا يغنيه عن المخاطرة بحياته لما استمر في هذه الحرفة يوما واحدا.

يقضي بوجمعة، ابن مدينة جرادة الذي يكفل عائلة تتكون من أبوين مسنين وزوجة و4 أبناء متمدرسين، كل يوم باستثناء السبت والآحاد، قرابة 10 ساعات تحت أعماق الأرض من أجل ملء بضعة أكياس من الفحم الحجري وبيعه لوسطاء مقابل دريهمات قليلة.

وبالرغم من مشقة العمل وقلة الربح المادي، فإن الملل لا يجد طريقا إلى قلب بوجمعة الذي لا يكف عن ترديد "الشكر والحمد لله على كل حال".

وفي ما يشبه الكلمة الأخيرة التي ينطق بها المُقبل على الانتحار، رفع بوجمعة رأسه إلى السماء معبرا عن رجائه وأمله في أن يتحرك المسؤولون بالمدينة لفعل شيء ما من أجل إعفاء السكان من الإلقاء بأنفسهم إلى التهلكة في آبار الموت بحثا عن مورد رزق.. ثم هوى داخل الحفرة الضيقة مقدما رجليه ومستعينا بالحبل الذي يمسكه 3 من "المانوفريا" لمساعدته على النزول إلى القعر العميق.

آبار الموت

ليس بوجمعة وحده من أجبرته قساوة العيش على الاشتغال في هذا الميدان الشاق، بل كثيرون من سكان جرادة البالغ تعدادها حوالي 44 ألف نسمة، تدفعهم قلة فرص الشغل بالمدينة إلى المخاطرة بأنفسهم من خلال خوض أعماق الأرض لاستخراج مادة الفحم الحجري معتمدين على تقنيات بدائية، ودون أية وقاية أو رعاية صحية أو ضمان اجتماعي...

خلف المركب الحراري المتخصص في إنتاج الطاقة الكهربائية، الذي يتوسط حي حاسي بلال (غرب مدينة جرادة)، تنتشر عشرات "السندريات" (آبار الفحم) وكل واحدة من هذه الآبار يمتلكها أحد المستثمرين الذين يقومون بتشغيل ما بين 3 إلى 7 عمال، حيث يترأسهم "المينور"، العامل المنجمي المتخصص في قلع الفحم الحجري من باطن الأرض، و"المانوفريا" الذين يساعدونه في نقل المحصول من عمق البئر إلى سطح الأرض باستخدام الحبال والبكرة المثبتة فوق فوهة "الساندريا".

بالقرب من إحدى هذه الآبار الكثيرة، صادفنا محمد، الذي كان يجلس القرفصاء بجانب "حاسي" في ملكيته، ويدخن بشراهة وسط ضجيج محركين اثنين يقومان بشفط المياه الباطنية من أعماق بئر الفحم عبر خرطومين واسعين إلى سطح الأرض، بغرض ترك المجال لـ"المينور" لكي ينقب عن الفحم دون أن يغرق في المياه. 

على عكس بوجمعة الذي قضى جزءا كبيرا من حياته في هذه الحرفة، فإن محمد (38 سنة) حديث عهد بالانضمام إلى هذا الميدان، إذ لم يمض على التحاقه بآبار الموت سوى 3 أشهر فقط.

بنبرة حزينة يحكي محمد كيف وجد نفسه خاوي الوفاض -"ربنا خلقتنا" كما قال وهو يضرب يدا بأخرى- بعد 9 سنوات قضاها كعامل في حقول إسبانيا، موضحا أن الأزمة الاقتصادية العالمية أفقدته عمله وأجبرته على العودة إلى مسقط رأسه بحاسي بلال.

وأمام متطلبات العيش الكثيرة وانعدام فرص شغل بالمنطقة، يقول محمد إنه لم يجد حلا آخر غير الاقتداء بسابقيه من المهاجرين العائدين –قسرا- من "نعيم أوروبا" إلى جحيم آبار الفحم، بحسب تعبير محمد. 

ويؤكد المتحدث أن عددا غير يسير من المهاجرين العائدين من أوروبا أصبحوا اليوم عمالا منجميين في "الحواسي" المتشرة بكثرة بضواحي مدينة جرادة، حيث يعملون كمياومين لا تزيد أجرة أحسنهم حظا عن 100 درهم في اليوم.

لكن محمد يعتبر نفسه أكثر حظا من الآخرين الذين يغامرون بحيواتهم تحت باطن الأرض من أجل لقمة العيش، لكونه لا يضطر إلى فعل ذلك ما دام يشغل معه 7 عمال يقومون باستخراج الفحم مقابل أجور تتراوح ما بين 70 و150 درهما لليوم، حسب مهمة كل عامل.

يقول محمد موضحا أن "المينور" يكسب من عمله ثلث المحصول، أي أنه إذا تمكن من استخراج 15 "خنشة" أو كيسا من الفحم فإن له 5 أكياس منها، بينما تؤدى أجور باقي العمال وجميع المصاريف الأخرى من الربح الصافي لصاحب "الحاسي".

عمل شاق وربح قليل

تعمل في آبار الفحم فئات مختلفة من الناس: شباب وكهول وشيوخ وأطفال قاصرين وحتى النساء. كل يعمل وفق قدرته وطاقته، والقاسم المشترك بينهم جميعا هو الاضطرار.

عائدات الفحم لا تعيش منها أسر الطبقة العاملة فقط، بل يساهم هذا النشاط غير المنظم في تحريك عجلة الاقتصاد في المدينة بأكملها، بحسب تعبير ميلود، وهو رجل في الستينات من عمره يعمل حارسا لبعض "الساندريات" في منطقة حاسي بلال منذ حصوله على التقاعد من سلك القوات المساعدة.

ويمضي ميلود الذي أنهك الزمن جسده الهزيل محاولا تبرير كلامه، بالقول: "إن هذا العمل، وإن كانت عائداته غير منتظمة، فإنها تساهم في ترويج الحركة التجارية في المدينة".. فجأة يلتفت المتحدث حواليه محاولا مغالبة نوبة من السعال الحاد، وأشار بإحدى يديه إلى آلات حفر (كومبريسونات) ورافعات أثقال منتشرة في المكان إلى جانب محركات تستخدم لشفط المياه الباطنية من أعماق الأنفاق المنجمية...

هنا قاطعه محمد ليؤكد لنا أن أصحاب "الحواسي" يضطرون إلى كراء هذه الآليات من أصحابها لكي تسهل على العمال عملية الحفر واستخراج الفحم. يقول موضحا: "تكلفنا كل آلة من هذه الآلات مبلغ 200 درهم كل يوم، دون احتساب ما تستهلكه من بنزين.."، وهي تكلفة باهضة حسب محمد الذي يكتري منذ 10 أيام آلة حفر ورافعة ومحركين لشفط المياه، وهو ما كلفه أزيد من 8000 آلاف درهم خلال هذه الفترة.. الشيء الذي يعتبره محمد خسارة بالنسبة إليه هو الذي لا يتجاوز معدل محصوله من الأكياس 20 كيسا في اليوم، أي حوالي 1200 درهم، لكنه أكد أنه لا يتبقى له من هذا المبلغ أي شيء بعد أن يؤدي أجور العمال ومصاريف كراء الآلات.

يقوم عمال المناجم بحفر الآبار بشكل عشوائي، إذ لا يتوفرون على وسائل لاكتشاف أماكن تواجد الفحم. ويؤكد محمد أنه اختار الحفر في هذا الموقع فقط لأنه يضم عدة آبار أخرى، لكن الوصول إلى الفحم تطلب منه الحفر مدة شهرين حيث وجده بعد مشقة تحت عمق 29 مترا، بعدما أنفق من أجل ذلك أموالا طائلة خلال تلك الفترة.

ويحكي المتحدث أن مالك الحاسي الذي يجاوره على الجبل، كلفه حفر البئر مبلغا ينيف عن 4 ملايين سنتيم، مضيفا أنه "باع كل ما يملك وصرفه على أمل أن يصل إلى الفحم فلا يضيع مجهوده سدى، لكنه حفر 42 مترا ولم يعثر على شيء.. وهو اليوم مضطر للعمل لدى الآخرين مقابل 100 درهم كل يوم..".

واستطرد محمد قائلا إنه في حالات كثيرة يتم العثور على كميات قليلة من الفحم وأحيانا بجودة رديئة وغير مقبولة.. وأضاف أنه في أحيان أخرى يفاجئ العمال بالمياه تتسرب إلى أبارهم من الفرش المائية الباطنية، مما يعرقل عملهم.. فتتكرر المحاولة مرات عديدة في آبار أخرى إلى أن يحالف الحظ العمال بالوصول إلى طبقات الفحم المناسبة لاستمرار العمل.

ولا ينكر محمد أن هذا الوضع يشعره بالقلق ويحتم عليه البحث عن مورد رزق آخر. لكنه يتحدث وكله أمل في أن تتحسن الأمور وتختفي المياه الباطنية التي تعرقل عمل "المينور" في قعر "الحاسي"، وتكبد صاحب المشروع خسارة 400 درهم كل يوم.

سماسرة الفحم الحجري

لا تتعدى المسافة بين كل بئر وأخرى 10 أمتار. البئر أو "الساندريا" عبارة عن حفرة لا يتجاوز قطرها مترا ويبلغ عمقها ما بين 30 إلى 40 مترا تحث سطح الأرض، حيث يتم الحفر في اتجاه عمودي لا يتعدى نصف متر.

طيلة 10 ساعات من العمل المتواصل، يتم استخراج ما تيسّر من كميات الفحم الحجري بواسطة قفة، ويتم صبه إما داخل "خناشي" أو مراكمته على شكل "صوبات" (خليط الفحم وخامه)، حيث تخضع هذه الكميات لعملية التصفية خارج البئر بوسائل بدائية من أجل استخلاص صافي الفحم منها.

وتباع هذه الأكياس التي يتراوح وزنها ما بين 75 و100 كيلوغراما، لوسطاء يملكون رخص الاستغلال وتسويق هذه المادة، مقابل 60 درهما لـ"الخنشة"، في الوقت الذي يبيعها هؤلاء الوسطاء للمعامل والشركات خارج مدينة جرادة بأسعار مرتفعة تصل إلى 300 درهم للكيلوغرام الواحد.. وهو السبب الذي يجعل العمال المنجميين في مفاحم جرادة يصفون هؤلاء الوسطاء، وهم من ذوي النفوذ بالمدينة، بـ"المافيا" و"اللصوص" الذين يغتنون ويراكمون ثرواتهم على حساب بؤس الطبقة العاملة...

مخاطر العمل

كانت الساعة تشير إلى الرابعة والنصف عصرا عندما صعد بوجمعة من النفق بمساعدة بقية العمال، بعدما قضى فيه حوالي 10 ساعات لم يفصل بينها إلا فترة تناوله لوجبة الغذاء.

بوجمعة الذي يعتبر نفسه كمن بُعث من قبره وأعطي له عمر جديد، كان أول ما نطق به لدى صعوده هو "الشكر والحمد لله على السلامة"، ثم طفق يستبدل ثيابه السوداء المبتلة بأخرى نظيفة، ويغسل وجهه الذي استحال لونه إلى سواد قاتم.

وعن سؤال حول المخاطر التي تواجه العمال المنجميين خلال عملهم، أجاب بوجمعة بأن الأمر كله خطر.. ولكي يوضح كلامه شرع يقارن بين كيف كان يعمل أيام شركة المفاحم وبين الطرق التي يشتغل بها اليوم. قال: "كنا نستخدم عربات وسككا وكابلات حديدية، وكنا نرتدي بذلا خاصة بالعمل المنجمي وخوذات متماسكة بها مصابيح نستنير بها ونرتدي قفازات ونضع واقيات مصفية للغبار على وجوهنا بالإضافة إلى نظارات خاصة.. لكن اليوم اختفت كل هذه الوسائل فأصبح العمال يواجهون مخاطر الأنفاق عزلا وبدون أية حماية..".

 وقاطعه حميد، أحد "المانوفريا"، وهو شاب في العشرينات من عمره، مشيرا إلى أن العمال المنجميين يتعرضون في آبار الفحم الحجري إلى الإصابة بالعاهات المستديمة وبالموت المفاجئ إثر انهيار دعامات الآبار أو فيضانات المياه الباطنية التي تباغتهم ولا تترك لهم المجال للنجاة.. وعلق بلهجة حزينة قائلا: "في كل عام يسقط منا قتلى وجرحى وذووا عاهات مستديمة.. لكن ومع ذلك تستمر وثيرة العمل بحثا عن الخبز..".

ويعود بوجمعة ليضيف أن أخطر ما يواجهه العمال المنجميون هو غبار الفحم الكثيف، الذي يطلق عليه اسم "السيليس"، ذلك لأنه يسبب داء "السيليكوز" لمستنشقيه ويهدد رئاتهم بالتدمير وبالتالي التسبب لهم في الوفاة، بحسب تعبير بوجمعة الذي أكد لنا أنه فقد الكثير من رفاقه بسبب هذا الداء الذي وصفه بالفتاك.

ودسّ بوجمعة في جيبه ثمن أجرته ثم انصرف بخطوات متثاقلة باتجاه بيته ليستريح من تعب يوم كامل قضاه في باطن الأرض.. في انتظار يوم آخر لا يعرف ما قد يخبئه له القدر فيه.

من يضع العصا في عجلة تنمية مدينة جرادة؟

بدت مباني وشوارع وأزقة مدينة جرادة، التي تقع على بعد 60 كيلومترا جنوب العاصمة الشرقية وجدة، يوم الجمعة الماضي، في أبهى حلة بعد أن زارها الملك محمد السادس، يوم الخميس، حيث دشن بها المحطة الطرقية الجديدة إلى جانب قرية الصناع التقليديين.

وتتكون المدينة العمالية من عدة أحياء أشهرها الحي الفرنسي والحي المغربي. وقد أطلق الأول على حي المهندسين الذي كان يقطنه المهندسون الفرنسيون إبان فترة عمل مناجم جرادة، ويوجد في مدخل المدينة، بينما الحي الثاني كان خاصا بالعمال المغاربة الذي يتوسط المدينة البالغة مساحتها 350 كلم مربع.

ويوجد في الجهة الغربية من المدينة جبل شاهق أسود يطلق عليه محليا اسم "الرُّومبلي"، وهو عبارة عن ركام من مخلفات "الشاربون" (الفحم الحجري)، وقد أصبح معلمة تشتهر به المدينة إلى جانب مدخنتي المركب الحراري المتخصص في إنتاج الطاقة الكهربائية، الذي شيد وسط المدينة عقب اكتشاف حوض الفحم الحجري بها في يناير من سنة 1927.

وفي خطوة أشبه بمحاولة قطع العلاقة بين ماضي المدينة وحاضرها، عمد مسؤولو جرادة إلى استبدال أسماء الأحياء القديمة بأخرى جديدة، وهكذا أصبح حي المهندسين يحمل اسم حي ابن رشد، وأطلق على حي الأطر حي الرازي، فيما أصبح حي العمال يعرف بحي الأمل...

في نظر بوخيار، وهو بقال في الخمسينات من عمره، معروف وسط مدينة جرادة، فإن هذه الأخيرة تشبه امرأة كانت متزوجة برجل ثري، لكن بعد وفاة الزوج ضاع كل شيء فوجدت نفسها بلا معيل ولا مورد رزق...

سبب هذا التشبيه -بحسب بوخيار- يرجع إلى كون مدينة جرادة تعاني من الفقر والتهميش منذ إغلاق مناجم الفحم، سنة 1999، التي كانت تشغل قرابة 8 آلاف شخص وتساهم في توفير نسبة هامة من الطاقة الوطنية.

ويلقي أبناء المدينة العمالية باللائمة على مسؤوليها، حيث يحملونهم  مسؤولية عرقلة نمو المدينة التي لم تستفد حسبهم من فترة الازدهار الذي شهدته خلال نصف قرن من الحركة النشيطة، الشيء الذي تسبب في تدهور وضعيتها على جميع النواحي بعد انصراف الطبقة العاملة عنها قبل حوالي 10 سنوات.

ويرى رشيد بشيري، رئيس مركز حقوق الناس بجرادة، أن مسؤولي المدينة ومنتخبيها لم يقدموا الشيء الكثير من أجل إنقاذ جرادة من البؤس الذي تعيشه، لكنه استطرد مضيفا أنه لمس في السنوات الأخيرة بعض الجهود للدفع بعجلة المدينة للتحرك إلى الأمام.

ولخص بشيري هذه الجهود المبذولة في بناء بعض المرافق العمومية وتحديث المباني العمرانية.

 الارشيف

 

-----------------------------------------------------------------------------
 

       
 
  أخبار العربية  
 
 

Gadgets fournis par Google
 
 
   
       
 
   
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement